الوجه الآخر لمدينة الفرات السكنية




الموضوع مرسل الى مجموعه شهريار

aileen chalaby


في كتاب صادر من قسم النافذة الواحدة في هيئة استثمار محافظة الديوانية, موجه إلى مديرية التخطيط العمراني في الديوانية يحمل الرقم (د.أ/6/758) في11/5/2011, ويحمل عنوان (مشروع مدينة الفرات السكنية) .

ويتضمن إرسال التصاميم الهندسية لبناء مدينة الفرات السكنية المزمع بنائها من قبل شركة الجدار الامريكية على جزء من القطعة (1/10 م 14/الفوار), والتي تبلغ مساحتها 900 دونم, بجوار أحد المواقع الأثرية السومرية الثمينة, التي ستتعرض للنهب والضياع .



والكتاب بتوقيع السيد (عبد مسلم الغزي), الذي كان يترأس الهيئة وكالة, وأرسلت نسخ منه إلى مجلس المحافظة, وقسم الإشراف على أعمال مديريات البلديات والتخطيط العمراني والطرق, ودائرة إسكان الديوانية, والقسم الاقتصادي والفني في المحافظة, وهذه صورة الكتاب .

في هذا الكتاب يلفت انتباهنا اسم الشركة الامريكية (شركة الجدار), المسجلة في أربيل بكتاب مديرية تسجيل فروع الشركات الأجنبية, بموجب القرار (6723) في 25/9/2008, المتعلق بتأسيس فرع ومكتب تمثيل الشركة في إقليم كردستان, وجاء قرار التسجيل بتوقيع السيد (بروين محمد نوري عزيز) .

ويظهر أن اختصاص شركة الجدار الامريكية (US TRADE WALL INC), وكما مبين في خلاصة خدمتها أنها متخصصة بالتصدير والاستيراد (Export & Import), ولا علاقة لها بالبناء والتعمير, بينما نجدها تتخصص في محاور أخرى بالخدمات اللوجستية (Logistic Activities), ثم تظهر لها عدة اختصاصات متباينة ومتقاطعة تثير الشك والريبة في موقعها على الشبكة الدولية, على الرابطة (www.ustradewall.net), حيث تجد عبارة (فن الاستثمار) مكتوبة باللغة الانجليزية, ومثبتة في واجهة الموقع, بينما تكتشف في حقل (المنتجات Products) ان الشركة تنتج التلفزيونات, ومواد البناء, وزيوت التزييت, والأقمشة, والبطاريات, والهواتف النقالة, وإطارات السيارات, والصناعات الجلدية, والعطور, وأجهزة الفحص الطبي.
تشكيلة غريبة, وباقة غير متجانسة من المنتجات والاختصاصات وضعت في سلة تجارية واحدة, تنتمي إلى الولايات المتحدة الامريكية في سابقة صناعية وزراعية وتجارية واستثمارية لا مثيل لها حتى في عالم الخيال, إذ من غير المعقول أن تتشعب اختصاصات الشركة وتتوسع على نطاق مفتوح, لا حدود له من حيث الكم والنوع والاختصاص.
بيد ان ما يثير الدهشة في ملفات هذه الشركة, أنها وعلى الرغم من انتمائها إلى أمريكا, حصلت على شهادة الكفاءة في الأداء والجودة من الهند, وربما تكون هي الشركة الامريكية الأولى التي تلجأ إلى الهند لكي تحصل منها على التأييد والتعضيد والثناء, وكما مبين في الشهادة المرفقة:


ويتضح من الوثيقة انها حصلت على شهادة (BICIC) من مدينة (فريد آباد) في الهند, وحصلت على شهادة الكفاءة بصناعة وتجهيز منظومات الصرف الصحي من مدينة سدني في استراليا عام 2006 :

وتظهر في الوثيقة عبارة (Environment & Heritage), وتعني البيئة والتراث, ولا ندري ما علاقة البيئة بالتراث ؟؟, وكأنما الذي نظم الشهادة أرتكب خطأ لغويا فكتب كلمة (Heritage) بدلا من كلمة (Health) وتعني الصحة, إذ يفترض أن تكون الشهادة في (البيئة الصحية), وليس في التراث البيئي, فمن ذا الذي يصدق أن المؤسسات الاسترالية لا تجيد اللغة الانجليزية, إلى الدرجة التي ترتكب فيها مثل هذه الهفوة.
ولا ندري أيضا كيف انحرفت بوصلة هذه الشركة الامريكية من واشنطن, وقفزت إلى الهند ثم إلى استراليا لكي تحصل منهما على شهادات الجودة ؟. .
أما أعجب العجائب وأغرب الغرائب في سجل هذه الشركة, هي أن عنوانها المثبت في خلاصة خدمتها (C.V.) والمكتوب بخط واضح, ولا يقبل اللغط والتمويه, وهو كالآتي:-
1900 Campus Commons DriveReston, VA 20191

في حين نجد أن هذا العنوان هو عنوان لشركة أمريكية أخرى متخصصة بأنظمة الحراسات الأمنية, وهي شركة (Intelligent office of reston) في ولاية فرجينيا, ويمكن الاستدلال على عنوانها من خلال زيارة موقعها على الشبكة الدولية, وهو كالآتي:-

وان من يبحث في ملفات الشركات الامريكية المسجلة في ولاية (فرجينيا) لن يجد أي سجل لهذه لشركة (الجدار), فالرابطة التالية تتيح للباحث فرصة التعرف على الشركات الامريكية المسجلة في امريكا:
وهي السبيل الأبسط والأسهل في الاستدلال على الحقيقة من دون عناء. وقد حاولنا البحث عن شركة (الجدار) فلم نجد لها أي اسم في سجلات ولاية فرجينيا, وظهرت لنا عناوين وأسماء الشركات المشابهة لها, وكما مبينة في الجدول التالي:-


SCC ID
Business Entity Name
Entity Type
Entity Status
04131918
U.S. TRADING AND INVESTMENT CORPORATION
Corporation
Purged
03369436
USTRADING CORPORATION
Corporation
Purged
04797874
U.S. TRADING, INC.
Corporation
Purged
03896941
U. S. TRADING INTERNATIONAL, LTD.
Corporation
Purged
04916474
US TRADING & INVESTMENT CORPORATION
Corporation
Purged
Limited Liability Company
Canceled
F1453234
U.S. TRAFFIC CORPORATION
Foreign Corporation
Purged
Foreign Corporation
Merged
04978870
U.S. TRAINING
Corporation
Purged
Foreign Corporation
Active
1
2
3
4
5
6
7
8
9

وفي السياق نفسه نذكر أن خطاب الضمان الذي تقدمت به شركة (الجدار) هو الآخر يشتمل على مجموعة من الغموض والمغالطات, التي نوردها هنا من باب لفت انتباه أصحاب الشأن بملابسات التعاقد مع الشركات المريبة. فالخطاب الذي ننشر صورته هنا يفترض أن يكون صادرا من مصرف (THE PEOPLE BANK) , والذي يفترض أن يكون في كندا, ولم يثبت في الخطاب عنوان المصرف, أو فرعه, ولا هاتفه, أو بريده الالكتروني, في حين اختلف عنوان شركة (الجدار) المثبت في الخطاب عن عنوانها المثبت في خلاصة خدمتها, وظهر العنوان بالشكل التالي :-

9 SYGGROU AVE
11568 ATHENS
USA

ثم ان الرسالة التي حملها الخطاب تعبر عن ركاكة الأسلوب وتعكس ضعف الخبرة في تحرير خطابات الضمان بالشكل الذي ظهر عليه الخطاب المرفق, فهل كانت ادارة هذا المصرف تنقصها المهنية والدراية, وهي التي وزعت فروعها على معظم الولايات الكندية, أم أنها لا تجيد التعبير بلغتها الانجليزية الرسمية ؟؟.
الأمر الذي يستدعي إعادة النظر في تحليل وثائق تلك الشركة, والتأكد من صحتها, مع ضرورة مراجعة البيانات الواردة في انجازاتها المثبت في خلاصة خدمتها, والتي يظهر فيها أنها شيدت في الموصل مجمعا سكنيا كبيرا يتألف من (284) منزلا لحساب وزارة الإسكان والتعمير في العام 2008, وقامت بتجهيز (49000) طنا من مادة الإسفلت في العام نفسه للوزارة نفسها, وقامت بتشييد منظومات الري للجيش الكوري (ما علاقة الجيش بالري ؟؟, وكيف أتيحت فرصة العمل لشركة أمريكية في ثكنات الجيش الكوري ؟؟), ونفذت عشرات المقاولات في محافظة أربيل تمثلت بتعبيد الطرق وحفر الخنادق. .
فهل قامت الجهات المعنية بتحليل هذه البيانات وتأكدت من صحتها ؟, أم أنها افترضت مبدأ حسن النية على طريقة (ذبها براس عالم واطلع منها سالم), لأنه من غير المعقول أن يجري التوقيع والتعاقد على مشاريع إسكانية بهذا الحجم, وبهذه الكلفة, وفي هذه المرحلة, ويعهد بها إلى شركات مثيرة للجدل, وتبعث على الشك والريبة, فالشركة موضوعة البحث تزاول عشرات المهن والنشاطات المتناقضة والمتقاطعة مع بعضها البعض كما مر ذكره, وعنوانها الأمريكي غير صحيح, والانكى من ذلك ان العنوان يعود لشركة أمريكية أخرى لم يسبق لها العمل بالعراق, والمصيبة أن شركة (الجدار) مرتبطة بشركات أخرى متعددة النشاطات, وعلى شاكلتها تقريبا, فالكتاب المرفق, والموجه إلى المديرية العامة لمعمل سمنت البصرة يحمل أكثر من وجه, وله أكثر من معنى:-
لأنه صادر من شركتين أجنبيتين, الشركة الأولى هي شركة (الجدار) الامريكية, والثانية هي شركة (دامسو) التركية, وموجه إلى شركة عراقية في البصرة, والكتاب مطبوع على نموذج لشركة (الجدار) لصاحبها (فوزي يوسف شابو) وهو شخص لا يحمل الجنسية الامريكية, في حين لم يوقع (فوزي) على الكتاب, بل الذي وقع عليه هو (محمد أمين عبد الكريم) عن شركة (دامسو) التركية, وهو شخص لا يحمل الجنسية التركية. .
والملفت للنظر هنا أن شركة (الجدار) تزعم أنها متخصصة بالتجارة العامة والاستثمار والاستيراد والتصدير, بمعنى أنها غير متخصصة بالبناء والتعمير ولا علاقة لها بتعبيد الطرق, في حين يظهر في الكتاب أن شركة (دامسو) التركية متخصصة بالأعمار والإنشاءات والتجارة العامة والزراعة والنفط, ولا ندري ما علاقة الزراعة بالنفط ؟, وما علاقتهما بالتجارة ؟. .
ختاما نقول أن التعامل الحذر مع الشركات الأجنبية يقضي بوجوب التأكد من بياناتها من المصادر الدولية الصحيحة, ويتعين على الجهات المعنية في العراق التباحث مع مكتب تسجيل الشركات في ولاية فرجينيا عن طريق البريد الالكتروني المثبت لدى السفارة الامريكية في العراق, أو التوجه بكتاب رسمي إلى السفارة الامريكية عن طريق الخارجية العراقية للاستفسار عن حقيقة هذه الشركة, والتأكد من عنوانها, وتدقيق بياناتها, وتدقيق خطابات الضمان والاعتماد التي قدمتها, ومطابقة عنوان الشركة المثبت في خلاصتها الخدمية مع عنوانها المثبت في خطابات الضمان ؟, عندئذ ستكون السفارة ملتزمة بما سيرد في تقاريرها الرسمية عن حقيقة شركة (الجدار), فهي (أي السفارة)  أدرى من غيرها بشركاتها الامريكية العاملة في العراق, وهي أعلم منا بأسماء مدراء تلك الشركات والعاملين فيها, كما ينبغي التخاطب مع سفارتنا في أمريكا, والتباحث معها عن خلفية هذه الشركة, والتأكد فيما إذا كانت موجودة من عدمه,  وهذا هو الطريق الأمثل في التعامل مع الشركات الاجنبية, فالعقل والمنطق يفرض علينا عدم التورط في المشاريع العملاقة مع أية شركة أجنبية أو عراقية قبل ولوج الأبواب التحقيقية والتدقيقية من أجل زيادة الاطمئنان واكتساب الثقة, ولابد من رفع درجات الحرص والحذر إلى السقف الأعلى خصوصا عند التعامل مع الشركات الأجنبية, التي لا نعرف عنها سوى ظاهرها الضبابي, أما باطنها المغلف بالغموض, فيمثل بالنسبة لنا المجهول الذي ينبغي أن نزيح عنه اللبس, ونغوص في أعماقه حتى نحمي أموالنا من عبث العابثين, وفساد المفسدين, ولا نقع ضحية أساليبهم الملتوية, وخططهم الماكرة. .  والله من وراء القصد.

جريدة المستقبل العراقية بعددها الصادر في 3/11/2011




دد =